بقلم: الاستاذ زياد علي
هل يهدف قانون التواصل الاجتماعي الجديد في تركيا إلى وضع حد للإهانات والشتائم والتحرش عبر وسائل التواصل وبالتالي يسعى إلى الموازنة ما بين الحريات والحقوق والقوانين كما برره البعض، أم انه خطوة للتقييد ونوع جديد للرقابة والسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي ويحمل في مضمونه هدف إسكات شركات التواصل الاجتماعي كما عبر عنه منتقدي هذا القانون.
ان تنظيم عمل شركات وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة الأجنبية منها وفي ظل هذه الظروف من خلال قانون حق لأي بلد كان كما أن هذه الخطوات ليست الأولى في تركيا فقد سبقتها إليها ألمانيا وفرنسا وغيرها من الدول الأخرى خاصة بعد أن تحولت هذه المنصات وفي كافة دول العالم من وسائل للتواصل إلى أدوات مهمة وذو تأثير على الحياة الاجتماعية والسياسة وحتى الأخلاقية في كثير من الأحيان
ومن أجل معرفة وأدارك أهمية هذه التعديلات على قانون التواصل الاجتماعي ودوره في درجة الرقابة على عمل هذه الشركات نسلط الضوء على أهم بنود ومحتوى هذه التعديلات التي اقرها البرلمان التركي من خلال القانون رقم 7253 بتاريخ 31/7/2020 والتي جاءت تعديلا للقانون رقم 5651 الصادر بتاريخ 2007 قانون تنظيم المطبوعات المنشورة على الإنترنت ومكافحة الجرائم المرتكبة من خلال هذه المنشورات.
أهم نقاط وبنود تعديلات قانون التواصل الاجتماعي:
أولاً: وفق هذا القانون سيتم تعريف الكيانات الحقيقية أو القانونية التي تمكن المستخدمين من إنشاء أو عرض أو مشاركة المحتوى مثل النص والصورة والصوت والموقع للتفاعل الاجتماعي على أنها مزود الشبكة الاجتماعية
ثانياً: أن منصات التواصل الاجتماعي التي لديها أكثر من مليون مستخدم يومياً في تركيا مثل “تويتر” و”فيسبوك” و”يوتيوب”و”واتس آب” و” انستغرام” وما شابهها من المنصات عليها تأسيس كيانات قانونية أو مكاتب تمثلها في تركيا وتعيين ممثلين لها في البلاد ليكونوا مسؤولين أمام السلطات بشكل قانوني ولاستيفاء الإجراءات المالية والضريبية بالإضافة إلى بناء علاقات تجارية مع شركات ومنصات الشبكات الاجتماعية من أجل التغلب على الصعوبات التي تواجهها التطبيقات الشخصية لمستخدمي الانترنت أو في إخطارات الجهات العامة.
ثالثاً: إن ممثل أو وكيل منصات التواصل الاجتماعي في تركيا يجب إن يكون من مواطني الجمهورية التركية في حال كان من الأشخاص الحقيقيين وليس الاعتباريين ويجب نشر معلومات الاتصال الخاصة بهذا الشخص على الموقع الإلكتروني بحيث يمكن رؤيتها والوصول إليها بسهولة وسيتم مشاركة معلومات هوية هذا الممثل ومعلومات الاتصال مع مؤسسة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات BTK -Bilgi Teknolojileri ve iletişim Kurumu
رابعاً: حماية الحقوق الشخصية: واحداً من أهم أهداف هذا القانون هو حماية الحقوق ومنع التعدي عليها أو انتهاكها بأي شكل من الأشكال تحت طائلة إزالة المحتوى المخالف وان قرار إزالة المحتوى المتخذ سيتم تنفيذه من قبل اتحاد مزودي خدمة الإنترنت خلال أربعة ساعات كحد أقصى.
يتضمن القانون أيضاً، بنوداً تفرض على الشركات المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي أو ممثليها الرد في غضون 48 ساعة على الشكاوى المتعلقة بالمشاركات والتدوين التي تنتهك الحقوق الشخصية وحقوق الخصوصية.
خامساً: الغرامات: استنادا إلى هذا القانون وفي حال عدم تعيين شركات منصات التواصل الاجتماعي ممثل عنها في تركيا فإن الغرامات المالية والإدارية التي ستفرض عليها تتراوح ما بين 10 إلى30 مليون ليرة تركية إضافة الى:
- حظر الإعلان وتضييق النطاق الترددي ((Bandwidthومنع توقيع عقود إعلانات جديدة
- تخفيض حيز الدخول والوصول إلى هذه المنصات في تركيا بنسبة تتراوح من 50 إلى 90% في حال عدم الاستجابة للعقوبات السابقة.
أما في حال عدم التزامها بقرارات إزالة المحتوى وحظر الوصول إلى محتوى معين أو مخالفتها لمنع الوصول إلى محتويات انتهاك الحياة الشخصية وعدم الرد سلباً أو إيجابا على الشكوى فستفرض غرامات إدارية عليها تتراوح ما بين 1 إلى 10 ملايين ليرة تركية
بالإضافة إلى ذلك، سيتم تقديم تقارير دورية كل 6 أشهر تحتوي على معلومات إحصائية وفئوية تتعلق بـ “إزالة المحتوى وحظر الوصول” و “حظر الوصول إلى المحتوى بسبب الخصوصية” إلى BTKمؤسسة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات
سادساً: إن هذا القانون سيدخل حيز التنفيذ بكامل مواده وبنوده المكونة من 9 مواد اعتباراً من 01.10.2020 أي بعد حوالي 3 أشهر من صدوره.
واخيراً علينا أن نعلم بأن هذا القانون لم يصدر ليجرم افعالاً جديدة أو يعاقب على أفعال كان مسموحاً ارتكابه من قبل ولم يكن لهذا القانون أن يغير توصيف الجرائم الالكترونية المنصوص عليها اساساً في القانون رقم 5651 الصادر منذ عام 2007 وان التعدي على الحقوق وتشويه سمعة الافراد واثارة النعرات الطائفية والدينية كانت وما تزال جرائم يعاقب عليها القانون وانما جاء هذا القانون ليضمن المزيد من حماية للحريات والخصوصية الشخصية أضافة إلى فرض حزمة من الإجراءات التنظيمية والغرامات الإدارية على شركات ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي والتي وجدها البعض بأنها نوع من تضييق الخناق على هذه الشبكات ونوع من الرقابة المفرطة والتدخل الحكومي الزائد بعمل هذه المنصات.
المراجع:
- القانون رقم 5651 / 2007 الخاص بـ تنظيم المطبوعات المنشورة على الإنترنت
- القانون رقم 7253 /2020 الخاص بالتواصل الاجتماعي