شهد العالم على مر التاريخ العديد من الأمراض والأوبئة الفتاكة، كانت بعضها أوبئة محصورة بدول أو نطاق جغرافي معين وكان بعضها الآخر أوبئة عالمية أو ما يطلق عليه “جائحة” Pandemic. وحصدت تلك الأوبئة أرواح عشرات بل مئات الملايين وتسببت في تغيرات ديموغرافية واجتماعية واقتصادية في العالم بأسره، بل ومنها جوائح غيرت مجرى التاريخ.
إذاً فما نعيشه الآن ليس بجديد، إلا أن ما يميز الوباء الحالي الذي حمل اسم فايروس Covid-19، هو أنه أتى في مرحلةٍ من الزمن كانت سمتُها المميِّزة هي التواصل غير المسبوق بين البشر، فلم يسبق أن كانت البشرية جمعاء في مواجهة “عدو” مشترك كما هي عليه الآن.
وقد كثرت في الآونة الأخيرة التحليلات والتنبؤات على مختلف الصّعُد (الصحية ، الاقتصادية ، الاجتماعية …..) للنتائج التي ستُعقب هذا الوباء ، وازدادت نتيجةً لذلك نصائح الخبراء في شتى المجالات لكيفية التعاطي معها، والأوضاع الجديدة التي أفرزتها هذه الأزمة.
سنحاول في هذا المقال تسليط الضوء على بعض هذه النصائح التي قد تفيد الكثيرين في آلية التعاطي مع الأوضاع التي تشهدها البشرية:
1- التهيئة النفسية على صعيد الفرد والأسرة:
من المؤكد أن هذه الجائحة ستزول إن عاجلاً أم آجلاً ، لكن ما المدة التي قد يستغرقها زوال هذا الوباء؟ أيام، أسابيع، أشهر؟..
تباينت الآراء من دولةٍ لأخرى ومن خبير لآخر، إلا أنه حتى في حال زوال أعراض المرض، فإن آثاره الاقتصادية لن تزول خلال وقتٍ قريب.
لذلك من أهم الدفاعات في مواجهة هذه الأزمة وتبعاتها على الصعيد الفردي والعائلي هو الاستعداد النفسي لطول أمدِها، ورسم الخطط المسقبلية القصيرة والطويلة الأمد بمشاركة أفراد الأسرة.
هذا الإعداد المسبق والعمل على تماسك أفراد الأسرة سيشكِّل عاملاً نفسياً مهماً، وسيشكّل أحد أقوى الأسلحة في مواجهة هذه الأزمة وأية أزماتٍ أخرى قد تعقبها.
2- الالتزام بتعليمات النظافة الشخصية و العزل قدر الإمكان:
نشرت منظمة الصحة العالمية على موقعها الرسمي بمختلف لغات العالم أهم أساليب الوقاية من الفايروس Covid-19، حيث أشارت إلى أهم هذه الوسائل وهي:
– غسل اليدين بانتظام
– ممارسات النظافة التنفسية: تغطية الفم والأنف بثني المرفق أو بمنديل ورقي عند السعال أو العطس، ثم التخلص من المنديل الورقي فوراً بإلقائه في سلة مهملات مغلقة.
– تجنّب الاقتراب كثيراً من الناس
– تجنّب لمس العينين والأنف والفم
– وبالتأكيد ضرورة الالتزام بالتعليمات التي تفرضها الحكومات فيما يتعلق بالتجمع في الأماكن العامة .
3- البحث عن مصادر دخل إضافية لتغطية المصاريف والأعباء المتوقعة:
تُعد هذه الخطوة ضروريةً بالنظر إلى ما قد ينتج عن أزمة الفايروس من أزمات اقتصادية لاحقة، بالتأكيد لا أحد منا يتمنى حدوث ذلك، لكن واقع الحال يشير إلى أن الكثير من البشر حول العالم سيفقدون وظائفهم إما بشكل كلي أو جزئي، وهذا ما يدعو إلى استباق حدوث هذا الأمر بالبحث المُبكر عن مصادر دخل إضافية لتأمين الحاجات الضرورية للفرد والأسرة.
في هذه الأيام يشهد العمل عبر الإنترنت online طفرةً غير مسبوقة، ويُعد ذلك فرصةً لتأمين دخل إضافي، مع ما قد يضيفه للفرد من تنميةٍ للمهارات.
4- الاقتصاد في النفقات:
تُعد هذه الخطوة مكمّلةً للخطوة السابقة، فإذا قمنا بحساب نفقاتنا الشهرية سنجد أن الكثير من الأمور التي نقوم بشرائها ليست من الضروريات وإنما من الكماليات، وقد لا نكون بحاجة لها من الأصل! هذه الأزمة وما قد يُعقبها ستضطر الكثير من الناس حول العالم للتخلي عن كثير من السلع الكمالية التي تُثقل ميزانية الأسرة، وتوجيه الدخل بكلِّيته لشراء السلع الضرورية، أو الادخار للمستقبل.
5- الاعتناء بالغذاء الذي يقوي المناعة:
توجد الكثير من الأغذية التي ترفع مناعة الجسم وهي رخيصة نسبياً ، إضافةً إلى قيمتها الغذائية العالية، بالتالي يجب الإكثار من هذه الأغذية لتقوية مناعة الجسم في مكافحة الفايروس، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
– البروكلي والسبانخ: غنية بالفيتامينات والمعادن، خاصة الفيتامينات A ،C ، E، فضلاً عن العديد من مضادات الأكسدة الأخرى والألياف
– الشاي الأخضر: يحتوي على الفلافونويد، وهو نوع من مضادات الأكسدة. ويحتوي على مستويات عالية من إيبيغالوكاتيشين غاليت (EGCG) ، أحد مضادات الأكسدة القوية، وقد ثبت أن EGCG يعزز وظيفة جهاز المناعة.
– الحبة السوداء (حبة البركة): تساعد على رفع مستويات الطاقة واليقظة، لا سيما في الصباح الباكر، وبالتالي زيادة الإنتاجية في العمل والقدرة على التركيز، كما أن تناول الحبة السوداء بكميات معقولة بانتظام يومياً قد يساعد على تحسين التنفس وتحسين مستويات الطاقة أثناء ممارسة التمارين الرياضية.
– لبن الزبادي (الرائب): يحتوي لبن الزبادي على العديد من العناصر الغذائية، وعلى كمية جيدة من البروتين الحيوانيّ، لذا فإنه يمدّ الجسم بالعديد من الفوائد الصحية التي تجعله خياراً صحياً يومياً للعديد من الناس.
6-السعي بجد لتضافر الجهود الجماعية لابتكار أفكار ومشاريع جديدة مفيدة للمجتمع:
هذا هو الوقت المثالي للتعاون بين البشر على شتى الصّعد، فعلى المستوى الفردي قد تُشكل هذه الأزمة فرصةً للعديد من الأفراد لتأسيس مشاريع مشتركة لا يمكن تحقيقها على مستوى فردي ، ستُحقق لهم مدخولات إضافية، إضافةً لتبادل الخبرات فيما بينهم لسد النقص الذي قد يطرأ في المجتمعات.