إن الشعوذة كأي ظاهرة سلبية لم يُسلط عليها الضوء بالشكل الكافي، فإنه لم يُتَخَذ إجراءاتٌ جذرية للقضاء على هذا المرض الذي يتفشى في مجتمعاتنا ويأكل طبقاته بصمت دون أن ينطق أحد او يعترض ،، لا بل وبالعكس قد اشتدت شوكة هؤلاء الدجالين فأصبحوا ينشرون إعلاناتهم علانية في مواقع التواصل الإجتماعية وعلى الشابِكة وفي التلفاز حتى انهم أصبحوا ينشرونها في الصُحُف والمجلات والبعضُ منهم أَلّفَ كُتُباً عن السحر والشعوذة وهي الآن تُتداول بين أيدي العامة مع أن جزءًا منها ممنوع تداوله قانونيًا ..
إن هذه الظاهرة تُشَكل خطرًا كبيرًا على مجتمعاتنا ، فإنها تفتك بعصبِ التكافل بين الناس وتستقطِبُ بشرًا من شتى الفئات؛ فإنك قد ترى المُتعلِّم والأُمِي ، الغني والفقير يذهبونَ لمشعوذين على حدٍ سواء في محاولةٍ لتلبية رغباتهم كالإصلاح بينهم وبين أحد أو جلب الحبيب او فتح الرزق او النجاح او حتى لمضرة الغير أو غير ذلك
ويدفعون مبالغ طائلة لهذه الأعمال التي نعلم جميعاً انها بيد الله وأن المشعوذ إن نَجَحَ بفعلها فإنه قد فعل امورًا مُسبقة خرج بها من رحمة الله ليُسَخر الجن لمصلحته ،فتجده مثلاً يقوم بأمورٍ مُقرفة او منافية للأخلاق أو تُراهُ يفعَلُ أي شيءٍ من الأَسحارِ السُفليةِ ويطلبُ طلباتٍ غريبة لينجَحَ عَمَلُه دونَ أن يبالي لِحجمِ الضرر الذي قد يقدمهُ لغيره ..
السؤال الذي يطرح نفسه : إلى متى ستبقى هذه الآفة تنهش بعقولِ المساكين وضعفاءِ الإرادة؟، إلى متى سيبقى هذا المشعوذ يملك الحرية ليفعل ما يشاء؟
أَعلمُ تمامًا أن هناكَ قوانين رادعة تنهى عن هكذا أعمال وأن هناك عقاب لمن يَتِمُ ضَبطُه ، لكن نادرًا ما نرى مشعوذًا بين القضبان ؛ لأنه لا أحد ينظر لهم نظرةً جدية على انهم وباءٌ مُنتشر وهذا ما جعلهم يتخذون وضعيات قوة ولا يبالون لشيء وينشرون إعلانات لهم علانيةً وبلا خوف ، لا بل وما يزيد السُخرية أن هناك عددًا من المسؤولين وكبار الدُول و الوُجهاء يذهبون إلى الدجالين بشكلٍ مستمر لِيُسَّيّروا مَصالِحَهُم المُختَلِّفة ؛ أَي أن اللَبِنات الأساسية في المُجتمعات تُقوي هذه الظاهرة بشكلٍّ مُستتر .
إن السحر مذكور في جميع الديانات وهو شيء موجود ولا نستطيع نُكرانه مع أن البعض لا يؤمنون به ، وهو شيء خطير وضار جدًا وليسَ بلعبة أطفال .
وللاسف إن كثيرًا من المُتَعَلِّمينَ يتجهون لهذه الأعمال؛ ليجعلكَ هذا تبكي على عِلمِهِم الذي لم يُحَصِّلوا منه أساسياته، وليجعلوكَ تسأل نفسك “ماذا تركوا للمساكين الذين لا يفقهون؟!” ، بينما المُشعوذ فكلّ ما يُهمه المال ، لأنه يعتبر هذا العمل إن كانَ سحرًا حقيقياً او دجلاً وَنصبًا هو مجرد عملٍ يجني منه المال ليس إلا ، فلا يهمه ما يُصيبك أو يصيب غيرك، ولا يَهمه إن قام بِخداعِك ولم ينجز لك ما تريد، ما يُهمهُ فقط ( كم تدفع له ) ..
يجبُ علينا أن نتخذ إجراءات حاسمة، وأن يُعاقبَ الدجالون أشد عقاب وان يمنعوا من نشر أكاذيبهم وأعمالهم بين الناس ، وأن نزيد توعية البشر بجميع طبقاتهم وفئاتهم العُمرية ، وأن نحاول زرع المحبة في الناس وتَقبل الغير ونزيد فيهم تقبلهم للواقع ولأنفسهم ، فكلما كان الإنسان راضيًا بنفسه وبما لديه قل الحقد والحسد وقلت الكوارث ، فإن خلف مُعظم أعمال السحر ( الحسد والحقد و عدم الرضى والأنانية ).
على الأسرة الصغيرة والدولة الكبيرة العمل معاً يدًا واحدة لتنمية عقول الأفراد وللحد من هذه الآفة.