يشير معجم علم النفس المعاصر إلي أن الاغتراب عملية اجتماعية تتحول فيها نشاطات الإنسان وصفاته وقدراته إلي شئ مستقل عنه ومسيطر عليه.
ظاهرة الإحساس بالاغتراب ظاهرة إنسانية عامة , تحمل في طياتها الجانب الايجابي والجانب السلبي , شائعة في كثير من المجتمعات بغض النظر عن النظم والأيديولوجيات والمستوي الاقتصادي والتقدم المادي والتكنولوجي , قديمة قدم الوجود الإنساني.
حيث يعتبر مفهوم الاغتراب النفسي من المفاهيم الغامضة نظراً لثراء محتواه , وتعدد مجالات استخدامه , ولتنوع الأطر والمنطلقات النظرية لمن يتحدثون عنه , اذ يكاد يمثل ميدان بحث مشترك للكثير من العلوم الإنسانية التي تتخذ من الإنسان محورا لها , فقد استخدمه علماء الفلسفة والاجتماع والتربية وعلم النفس والطب النفسي والأدباء بمختلف أدواتهم التعبيرية من شعر وقصة ونثر , ولتعدد مجالات استخدامات الاغتراب تعددت معانية وكثرت تعاريفه .
فمن صفات الشخص المغترب الشعور بالانفصال النسبي عن الذات أو عن المجتمع أو عن كليهما، الشعور بالعجز، الشعور بحالة من الرفض وعدم الرضا التي قد يعيشها الفرد في علاقته بمجتمعه، ضعف شديد في الثقة بالنفس، الشعور بعدم جدوى الحياة ومعناها، الشعور بالعزلة وعدم الانتماء والسخط والقلق والعدوانية، الشعور باغتراب الذات عن هويتها وعن الواقع، الشعور برفض القيم والمعايير الاجتماعية .
الأسباب النفسية العامل الأول للاغتراب النفسي فالصراع الذي يحدث بين الدوافع والرغبات المتعارضة , وبين الحاجات التي لا يمكن إشباعها في وقت واحد مما يؤدي إلي التوتر الانفعالي والقلق وإضراب الشخصية أيضا الإحباطات المتكررة حيث تعاق الرغبات الأساسية أو الحوافز أو المصالح الخاصة بالفرد , ويرتبط الإحباط بالشعور بالفشل والعجز التام , بالشعور بالقهر وتحقير الذات .
عدم الاشباع والحرمان يلعب دورا بارزا في الاغتراب النفسب حيث تقل الفرصة لتحقيق دوافع أو إشباع الحاجات كما في حالة الحرمان من الرعاية الوالديه والاجتماعية .
وجود خبرات صادمة في حياة الشخص يعزز من وجود الاغتراب النفسي حيث أن هذه الخبرات تحرك العوامل الأخرى المسببة للاغتراب مثل الأزمات الاقتصادية والحروب .
والأسباب اجتماعية لا تقل أهمية عن الأسباب النفسية كضغوط البيئة الاجتماعية والفشل في موجهة هذه الضغوط، والثقافة المريضة التي فيها عوامل الهدم والتعقيد الى التطور الحضاري السريع وعدم توافر القدرة النفسية على التوافق معه .
واضطراب التنشئة الاجتماعية حيث تسود الاضطرابات في الأسرة والمدرسة والمجتمع، ومشكلة الأقليات والتفاعل الاجتماعي، الى تدهور نظام القيم وتصارعها بين الأجيال، الى البعد عن الدين .
والأسباب اقتصادية تلعب دورا بارزا في ايجاد هذا الاغتراب وتعزيزه في نفوس الشباب فيعد ظهور عدد كبير من الأفراد ذوي الدخل المرتفع وذوي الدخل المنخفض سبباً كبيراً يترتب عليه اختلاف في مستوي المعيشة والحياة والمظهر ويترتب على ذالك فقدان المعايير والقوة والوسائل التي يمكن بها زيادة السيطرة على الطبيعة مما يؤدي إلي غياب أصحاب الدخل المحدود في نفس المجتمع.
فمن مظاهر الاغتراب النفسي فقدان القوة الشخصية والشعور بالعجز عن التأثير بالاخرين، ووحود حالة من اللامعيارية في صبط السلوك الشخصي وفق ضوابط وقوانين المجتمع، ووجود حالة من اللامعنى للقيام بسلوكيات مفيدة فهو يرى لا قيمة ولا معنى لها.
هذا بدوره يؤدي حقيقة الى العزلة الاجتماعية وعدم الاتصال والتواصل مع الاخرين وعدم القيام بالانشطة اليومية المعتادة والذي يؤدي اخير الى حاجة تسمى العزلة الشخصية التي تقف به الى العجز والى الدخول بمرحلة الاضطراب النفسي. والسؤال هنا :
أين يكن الحل؟؟ سؤال كبير يحتاج الى خطوات عملية ملموسة لتغيير واقع الشباب وتعزيز مفهوم الأمن النفسي بدلا من الاغتراب النفسي ويمكن ذلك من خلال :
- التوعية المجتمعية المستمرة على مستوى الاسرة والمدارس والجامعات
- التوعية الدينية المستمرة من خلال المنابر الدينية والخطباء في المساجد
- فتح أفق عمل للشباب لاشغالهم بسد احتياجات من خلال المهن المختلفة
- وجود حراك مؤسساتي توعوي وحاضن للشباب من خلال المشاريع الكبيرة والصغيرة والبحث عن سبل لسد فجوات عند الشباب.