أسباب ومصادر الاغتراب النفسي وطرق علاجها

701
Advertisements

الاغتراب ظاهرة إنسانية عامة , تحمل في طياتها الجانب الايجابي والجانب السلبي , شائعة في كثير من المجتمعات بغض النظر عن النظم والأيدولوجيات والمستوى الاقتصادي والتقدم المادي والتكنولوجي , فالإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يستطيع أن ينفصل عن نفسه , وقد ينفصل عن مجتمعه أو عالمه , وقد يعيش الإنسان الاغتراب ويكابده بصفته جزء من حياته , ومكوناً من مكوناته النفسية والاجتماعية والوجدانية دون أن يعي أنه يعيش حالة من الاغتراب النفسي وأنه منفصل عن ذاته أو عن مجتمعه  .

والحقيقة أن ظاهرة الإحساس بالاغتراب ليست وليدة العصر بل هي قديمة قدم الوجود الإنساني .

انتشرت ظاهرة الاغتراب بين الأفراد في المجتمعات المختلفة , وربما يرجع ذلك إلى ما لها من دلالات قد تعبر عن أزمة الإنسان المعاصر ومعاناته وصراعاته الناتجة عن تلك الفجوة الكبيرة بين تقدم مادي يسير بمعدل هائل السرعة , وتقدم قيمي ومعنوي يسير بمعدل بطئ وكأنه يتقهقر الي الوراء , الأمر الذي أدي بالإنسان للشعور بعدم الأمن والطمأنينة حيال واقع الحياة في هذا العصر , بل وربما النظر الي هذه الحياة وكأنها غريبة عنه , أو بمعنى أخر الشعور بعدم الانتماء إليها

تعتبر ظاهرة الاغتراب ظاهرة فلسفية ونفسية اجتماعية على حد سواء، قد اصبح احادي البعد حيث فقد المعنى الايجابي له، وبدأ التركيز على المعنى السلبي فقط، واصبح هذا المفهوم مقترناً في اغلب الاحوال بكل ما يهدد الانسان وحريته بالاستئصال او التزييف ، هذا ما جعل الاغتراب بمفهومه الاحادي ينتشر في العلوم الفلسفية والنفسية.

يعتبر مفهوم الاغتراب النفسي من المفاهيم الغامضة نظراً لثراء محتواه , وتعدد مجالات استخدامه , ولتنوع الأطر والمنطلقات النظرية لمن يتحدثون عنه، إذ يكاد يمثل ميدان بحث مشترك للكثير من العلوم الإنسانية التي تتخذ من الإنسان محورا لها , فقد استخدمه علماء الفلسفة والاجتماع والتربية وعلم النفس والطب النفسي والأدباء بمختلف أدواتهم التعبيرية من شعر وقصة ونثر , ولتعدد مجالات استخدامات الاغتراب تعددت معانيه وكثرت تعاريفه .

فالاغتراب شعور الفرد بالعزلة والضياع والوحدة ، وعدم الانتماء، وفقدان الثقة، والاحساس بالقلق والعدوان، ورفض القيم والمعايير الاجتماعية، والاغتراب عن الحياة الأسرية والمعاناة من الضغوط النفسية ويتمثل في الدرجة المرتفعة على المقياس الذي يتضمن أبعاد المقياس الفرعية وكذلك مظاهر الاغتراب المتعددة .

ومن أهم صفاته التي يشعر بها المغترب الشعور بالانفصال النسبي عن الذات او عن المجتمع او كليهما , والشعور بالعجز والرفض وعدم الرضا بعلاقته بالفرد او المجتمع ككل ,والضعف الشديد في الثقة بالنفس وعدم القدرة علي جدوى الحياة ومعناها . ويشعر بالعزلة وعدم الانتماء والخط والقلق والعدوانية واغتراب الذات عن ما هو واقع ويرفض القيم والمعاير الاجتماعية

تشكل ظاهرة الاغتراب النفسي مجموعة من الأشكال التي تواجه المغترب من صراعات ونقص وتباعد الفكري والديني ومن أهمها

الاغتراب الذاتي أي انتقال الصراع بين الذات والموضوع الأخر من المسرح الخارجي الي النفس الإنسانية بمعني اضطراب في العلاقة التي تهدف الي التوفيق بين مطالب الفرد حاجاته ورغباته وبين الواقع وابعاده من ناحية اخري .

الاغتراب الاجتماعي عدم التفاعل بين ذات الفرد وذوات الاخرين ونقص المودة والالفة مه الاخرين وندرة التعاطف والمشاركة وضعف الروابط الاجتماعية .

الاغتراب السياسي وهو التباعد عن أداء دور ليس لعدم القدرة علي التأثير فعلا , بل لتقييم الشخص ذاته بمعني يشعر ب لا مبالاة وسلبية مطلقة نتيجة انعدام الامن والشعور بالعجز ولا يكون العجز حقيقي عن الفعل بل ايمان راسخ بلا فائدة .

الاغتراب الديني وهو أساس كل مغترب ويقوم علي انه يمكن الاستدلال علي قواعد الايمان بالعقل ويعتبرها حقيقة منطقية .

وهناك العديد من اشاكل الاغتراب منها التعلمي والفكري والاقتصادي …..

شكلت مظاهر الاغتراب عوامل تجعل الشخص مغترب بنفسه وافعلاه ومدي تأثيرها علي الجوانب الاجتماعية والعقلية والحياتية

وهنا نجد المغترب يتعرض لفقدان القوة , لا يستطيع التأثير في المواقف الاجتماعية التي يتفاعل معها , وفقدان الشعور بأهميتها , وأن الفرد لا يستطيع توقع ما سيحدث له مستقلاً .

ظاهرة اللامعنى فإن الاغتراب يظهر عند الفرد الذي لا يكون لديه وضوح فيما يعتقد , وكذلك عدم توفر المستويات الدنيا من الوضوح في اتخاذ القرار , فالشخص المغترب يتسم بالتوقع المنخفض لإمكانية القيام بأي نشاطات وسلوكيات, وذلك نتيجة للنتائج السابقة للسلوك .

كما في اللامعيارية التي يصبح فيها الفرد مفتقراً الي المعايير الاجتماعية المطلوبة لضبط سلوك الفرد ولم تعد تستأثر بمعايير المجتمع ويفقد سيطرتها .

Advertisements

وكذلك العزلة الاجتماعية ينفصل الفرد فيها عن المجتمع والثقافة مع الشعور بالغربة وما يصاحبها من خوف وقلق وعدم ثقة , وتفرد الذات والإحساس بالدونية تارة وبالتعالي تارة أخري , ويكون ذلك لانعدام التكيف الاجتماعي , أو لضالة الدفء بالأخرين .

Advertisements

و أخرها الغربة عن الذات بمعني شعور الفرد بانفصاله عن ذاته لعدم القدرة على إيجاد الأنشطة المكافئة ذاتياً , وشعور بأن ذاته الخاصة وقدراته عبارة عن وسيلة أو أداة , ويعبر الفرد عن ذلك بعدم الانتماء واللامبالاة إلي عدم الاهتمام بمجريات الأحداث الاجتماعية , والعزوف عن المشاركة في النشاطات التي عادة ما تثير اهتمام الآخرين وتفاعلهم , وفقدان الدافع لتحقيق النجاح في الحياة ومحدودية الطموحات الشخصية , أما عدم الانتماء فيشير إلي أن الفرد لا ينتسب لجماعته الأساسية ولا يرضي عنها , ولا يشعر بالفخر بها , وكذلك يرفض القيم السائدة والثقافية الخاصة ويشعر بعدم الفخر والامتنان لهذا المجتمع، وقد تتوفر هذه المظاهر جميعاً بالشخص المغترب وقد تكون بعض هذه المظاهر حسب شدة ومرحلة الاغتراب لديه .

هناك أسباب ومصادر للاغتراب النفسي وتعددت هذه الأسباب بين الشخص نفسه والعوامل الأساسية داخل المجتمع وهي علي النحو التالي:

– أسباب نفسي وتشكل صراعات واحباطات تجعل الفرد يشعر بالقلق والقهر وتحقير الذات والشعور بالفشل الدام والعجز التام في تحقيق دوافعه او اشباع الحاجات بمعني الحرمان .

–  أسباب اجتماعي كضغوط البيئة الاجتماعية والفشل في موجهة هذه الضغوط , الثقافة المريضة التي فيها عوامل الهدم والتعقيد . التطور الحضاري السريع وعدم توافر القدرة النفسية على التوافق معه .اضطراب التنشئة الاجتماعية حيث تسود الاضطرابات في الأسرة والمدرسة والمجتمع . مشكلة الأقليات والتفاعل الاجتماعي , تدهور نظام القيم وتصارعها بين الأجيال , البعد عن الدين .

– أسباب اقتصادية يعد ظهور عدد كبير من الأفراد ذوي الدخل المرتفع وذوي الدخل المنخفض سبباً كبيراً يترتب عليه اختلاف في مستوي المعيشة والحياة والمظهر ويترتب على ذلك فقدان المعايير والقوة والوسائل التي يمكن بها زيادة السيطرة على الطبيعة مما يؤدي إلي غياب أصحاب الدخل المحدود في نفس المجتمع .

يحدث الاغتراب النفسي من داخل الكائن الحي وذلك  لتحقيق الرغبة وإشباع لذة وهي غير محكومة بقوانين العقل أو المنطق وهي ليست ذا قيم أو أخلاق ولا يدفعها إلا هدف واحد وهو إشباع الحاجة على وفق مبدأ اللذة ولكن هذه الرغبات لا تؤدي أدائها لوحدها في الساحة بل لها ما ينظم عملها وهو الأنا والأنا الأعلى هو الذي ينظم عملية التفاعل مع العالم الخارجي فإذا قامت الأنا بدورها في هذه المهمة بحكمة واتزان يسود الانسجام والاستقرار النفسي ويتحقق التوافق .
ومن جهة أخرى فإن ضعف الأنا قد يجعلها خاضعة لسيطرة الأنا الأعلى فتنشأ صعوبة في إشباع الحاجات الأساسية وهذا أيضا يولد خلل في توازن الشخصية وتكون النتيجة سلوك منحرف أيضا .

كما يحدث نتيجة نقص في عدد التعزيزات الايجابية وأنواعها أي إن الاغتراب يبدو على شكل مخيف من الإحباط الناشئ عن اضطراب نظام الاستجابة التي تلقت تعزيزاً في بيئة اجتماعية معينة، كما وأن الشخص الذي يشعر بالاغتراب لا يجد من يتحدث إليه أينما اتجه لأن سلوكه لا يخلق تأثيراً يذكر فالاغتراب قد ينشأ بسبب فقدانه للأشخاص الذين يقومون بدور التعزيز على شكل الحنان والأواصر العاطفية مما يترك تأثيراً عميقاً ويعمم إلى أشكال أخرى من السلوك .

من أهم طرق العلاج للاغتراب النفسي

يقوم العالم هيغل وضع الحل لتلك المشكلة بقوله “الحب يجعل الاغتراب يتلاشى”، فعندما يشعر الإنسان بالحب يبدأ إحساس الاغتراب في التلاشي .

كما أن الاتساق بين الإمكانيات والطموح تساهم في ذلك أيضاً .

المراعاة عند تربية الأبناء أن ندعم قدراتهم الموجودة دون إفراط ودون تفريغ .

التوعية المستمرة .

دمج الفئات من خلال اشراكهم بكل ما هو نافع .

التوعية الدينية .

توفير الفرص المناسبة للحد من هذه الظاهرة .

تفعيل دور المؤسسات العاملة في مجال الاغتراب .

5 1 vote
Article Rating
20

Advertisements
Advertisements

, , , , ,
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

التصنيفات