في آخر عدة سنوات انتشرت ظاهرة المقاطع الفكاهية التي تتحدث عن عيب خلقي في اشخاص ما او عن أشكالهم.
حيثُ أنهم يُحضرون هذا الشخص ذو البشرة السوداء مثلاً ويتنمرون عليه بهدف حصد المشاهدات واللايكات والمؤسف في الأمر أن هذا التنمر يكون بموافقة المُتَنَمر عليه وذلك ليحصل هو الآخر على المال والمشاهدات والشهرة ……وإلخ.
إن هذه الظواهر الغريبة التي تنتشر بهدف المال أو نيل الشهرة هي ليست إلا دعواتٌ مُقننة لتعليم أطفالنا هذه العادات السيئة ونشرها أكثر بين المجتمع على انها أمور عادية وَمُتقبلة
حتى أنه وللأسف قد أُضيفت هذه الصفة اللاأخلاقية للمسلسلات والمسرحيات وغير ذلك من هذه العُروض التي يشاهدها عدد كبير من الناس ويراها الصغير قبل الكبير ” كمسرح مصر مثلا ” فعندما يحضرون فتاة سمينة للسخرية منها في المقام الأول
ويحضرون شخصاً أسمر البشرة و ذو سنٍ مكسورة لإضحاك الناس فهنا تنعدم الأخلاق وتسقط المبادئ .
إن للتنمر أشكال كثيرة منها التنمر اللفظي الذي نسمعه يوميا والجسدي كالضرب او التنمر العاطفي كمثلاً : أن ينبذ أطفالٌ طفلاً معيناً فلا يتعاملون معه ولا يحادثونه
والتنمر الإلكتروني وهو الأخطر تقريباً لسرعة تداوله وانتشاره.
إنّ التنمر بحد ذاته أمرٌ خطير مهما كان نوعه لأنه يسبب أذى نفسياً قد يبقى مع الفرد طيلة حياته ويؤثر على حالته النفسية وحياته الإجتماعية والعملية والدراسية وغير ذلك، و إن كثيرٌ من الناس اقدموا على الإنتحار بسبب هذه الظاهرة السلبية.
السؤال الذي يطرحُ نفسه هنا : أنتَ كإنسان عندما تتنمر على شخص بسبب (لونه، عرقه، جنسه ، جنسيته ، لغته، دينه، عيب خلقي فيه، فَقرِه، عمله، مشكلة وقع بها، أو على عمل والده، أو لأن امه مطلقة مثلا، أو غير ذلك من الأمور ) ماذا تستفيد؟!
هل تشعر بالسعادة عندما تتنمر على الآخرين؟!
هل تُشبعُ نقصك؟!
والسؤال الأهم : لماذا تتنمر على الآخرين ؟! هل انتَ كاملٌ وخالي من العيوب؟!
إن الرّد على هذه الأسئلة هو أن جميعُنا تملأنا العيوب، ولكلّ منا ثغرة من الممكن أن يُتنمرَ عليها، فلا أحد كامل.
إن أسباب تنمر البعض عادة ما تكون مشاكل نفسية سببتها مشاكل في البيت مثلاً ، أو تعرض الفرد المُتنمر للتنمر عليه فيذهب ليتنمر على غيره، أو محاولة من المتنمر لإخفاء بعض العيوب فيه، أو الدلال الزائد ونقص التربية، او التشديد، أو بعض الأمراض النفسية، أو التقليد الأعمى، و أسباب أخرى كثيرة.
لذلك علينا دائما التحدث مع المُتنمر لمعرفة الدوافع التي أدت به للقيام بهذا التصرف ، وأيضاً علينا التحدث مع المُتنمر عليه وتنمية شخصيته بشكل أكبر.
أخيراً ربما يكون بالإمكان تقليل ظاهرة التنمر بتربية أبنائنا تربية سليمة والتقليل من مشاهد العنف والتنمر التي يشاهدونها وتعليمهم ان لا فرق بين الناس وأن لكل شخص عيبه ولا يوجد شخصٌ كامل، لكن بنفس الوقت من الصعب جدا القضاء على هذه الظاهرة للأبد لذلك على الإنسان أن يكون قوياً ولا يستسلم لتنمر الآخرين عليه ولا يستمع ولا يسمح لهم بالتنمر عليه دوماً ، ويمكن له ان يذهب لشخصٍ واعٍ ويخبره عما يحصل معه.
تقريباً تعرضنا جميعا في مرحلة من مراحل حياتنا للتنمر ، الأهم هو كيف تجاوزنا هذه المرحلة ؛فإن البعض يعيش طيلة حياته منهاراً من المتنمرين عليه والبعض الآخر يتخطى ويبني سلماً من كلّ الصعوبات التي مر بها في حياته لبعد للمجد ؛ فأي من هذين تريد أن تكون؟!
