الأدب العربي، كيف نصوغه برؤى القلوب؟

367
Advertisements
أسماء زيود
كاتبة وروائية فلسطينية

يقول صباح الحكيم: أنا لا أكتبُ حتى أشتهرْ

                      لا ولا أكتبُ كي أرقى القمرْ

أكتب رسالة، ربما قد تفي بمضمونٍ يعبر عن لغة المجاز التي يفتقدها الكثير، عن النّفس التي قد غادرت الكثير من الأرواح، عن مكنونات القلوب، عن الأسرار التي قد افتقدنا عذوبتها، عن النايّ الذي توقف عن عزف السيمفونيات العتيقة، واكتفى بالعصريّة الملطخة بأشلاء الأفكار، عن الأحلام التي غادرت القبو المطرز وغدت في التصاميم الزائفة، عن موسيقى الطرقات القديمة التي اندثرت بين الغربيّات، عن الحكايات التي تبكي بين شفاه الأجداد، وأضحت ماضٍ مُعلقًا بين أجفان العيون الساهرة.

ماذا عن الأوطان؟

هل تحلّ الرسائل القديمة لتحيى الجديدة؟

هل سينجلي الحزن لتبقى النفوس ترفرف كالحياة؟

ها أرى بقلبي عيون الشعر ينبض، ليعانق القصائد المنسيّة، ونغدو بلغةٍ تبلغ جلّ همومنا، تستدرج الحركات وتبني المجهول، ليعلم من يقرأ بأنّها لغةً تنطقُ قبل أن تقرأ، هي العقلُ الذي يشيح عن زمنٍ لا يُذكر ، وعن فكرٍ قتل كلّ تفاصيل الأحداث المؤلمة. هي حضارةٌ عملاقة ارتقت بالنابغين من أقلامها، التاريخ العريق الذي حاربته جاهليّة العصور.

حياتنا أيدينا، ثقافتنا عقولنا، فماذا علينا إذن؟ كيف نرتقي بعلمٍ نبلغه، ولكن تركناه للأيام!

Advertisements

وكم لأدبنا العربيّ من تجلّياتٍ تستوحي منّا النهوض؟

الرسالة لا تنتهي صلاحيتها، باقية بعمق الكلمات، حين نكتب بقلوبنا تفوح ورود الأمكنة بعطر الكلمات، لنا حقًا باقيًا بقاء الروح في السماء، قيمة الإنسان نابعةٌ من نفسه، كيف تُرقي مكانتك؟ لا شيء يترك عبثًا كلّ ما يُبنى بإتقان، يُرى بأمّ العين وبحدقتها، فأساس البناء قوة العمق الداخليّ الذي يرتكز على فكرٍ متزن، وجماليّة التفكير المنطقيّ، هذه رسالة إن كنت تريد أن لا تنطفئ، اقرأها بإمعان وتفكّر.

Advertisements

الوقت لا يتحول أبدًا، يمرّ مع زمن الكون، نحن من نجيد كيفية الخوض بغمار الحياة، كيف نعطي اللحظات الثمن المناسب، لكي لا ترتفع أو تهبط؟ ماذا عن النقاط التي تقفل الجمل، هل نعيد صياغتها؟ قد نحتاج للكثير من القوانين التي تناسبنا فقط، فيلزمنا التحليل التفصيلي لنفوق التصورات الوهميّة التي تداعب أنفسنا أحيانًا، أن نجيد فهم ماهية الأمور، ونعيد ترتيب الأولويات وفقًا للّغة التي تتناغم مع المنطق لا مع الأهواء، حياتنا تنجم من نظرةٍ عميقة تشمل كلّ رؤية واسعة.

الكلمات تدوم متى ما خُطّت بأقلامٍ بارعة، لاشيء يُتلف الحروف الوافية بالمعنى، والمركّبة بعمق الإحساس، لن يقف الزمان على حافة النجاح ليعود، بل لينطلق نحو القمة والسمو، وتبقى الذكريات عالقة لا تُنسى، بناياتٌ شاهقة تسحر العيون، ولن تذوب بحرارة الكون.

 وما زلت أكتب برؤى القلب، لأنّ “ما لا يراه القلب لا تستحليه العين”، هذا الاقتباس من روايتي “نَبَضانْ”.

 لعلّ كلماتي تلقى قلوبكم، الرسالة أن لا ننتظر المجهول، بل أن نقوّم الظروف لتتحول لمستقبلٍ مشرق، ولنبتعد عن سمّ بعض الطغاة.

0 0 vote
Article Rating
20

Advertisements
Advertisements

, , , , , ,
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

التصنيفات